للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعرف طريقه إلى التدوين.

وحين نشطت حركة التدوين في الفقه، وظهرت المباحث المفردة ذات الموضوع الواحد واتجه العلماء إلى التأصيل واستنباط القواعد، كانت الظروف مهيئة للتدوين في الفروق.

وذكر بعض الباحثين أن محمد بن الحسن (ت ١٨٩ هـ) هو أوّل من ألّف في الفروق في الفقه الإسلامي، وقال: (ونجد ذلك واضحاً في كتابه (الجامع الكبير) حيث كان أسلوبه ونهجه وطريقة عرضه للمسائل كلها تظهر الفرق بين المسألتين المتشابهتين، مما لا يدع مجالاً للشك أو اللبس) (١).

وفي الحق أن في هذا الكلام نوعاً من المبالغة، فكتاب محمد بن الحسن (ت ١٨٩ هـ) المذكور في الفقه بعامة، وليس خاصاً بالفروق، وتنبيهاته إلى الفروق، في بعض المسائل، كان يأتي عند عرض أمثال تلك المسائل، وهي محدودة في نطاق الفقه الواسع، وقد عاصره الشافعي (ت ٢٠٤ هـ) (٢)، ومالك (ت ١٧٩ هـ) – رحمهما الله – وهما ممن نُقل


(١) الفروق للكرابيسي (١/ ٨) من مقدمة المحقق د. محمد طموم.
(٢) هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع القرشي المطلبي. أحد أئمة المذاهب السنية الأربعة ولد بغزة في فلسطين، على ما هو الصحيح والمشهور من الآراء سنة (١٥٠ هـ). وحمل إلى مكة وعمره سنتان، فنشأ فيها وحفظ القرآن، وهو ابن سبع سنين، وموطأ مالك وهو ابن عشر، وتفقه على مسلم بن خالد الزنجي فقيه مكة. لازم الإمام مالكاً، ثم قدم بغداد مرتين، وحدّث بها، واجتمع إليه علماؤها وأخذوا عنه ثم خرج إلى مصر، وأقام فيها حتى اختاره الله إلى جواره سنة (٢٠٤ هـ)، ودفن في مقابرها.

<<  <   >  >>