للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَاتِيَكَ الْيَقِينُ} (١). وقال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} (٢). ومعنى يستخفنك: يحملونك على الخفة والطيش بعدم الصبر، والدعاة إلى الله يكيد لهم أهل الباطل ويفترون عليهم الكذب، ويؤذونهم بأنواع الأذى لأنهم قوم يجهلون وضالون. وقد أوذي أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة أشد الأذى، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرهم بالصبر «صبرًا آل ياسر إن موعدكم الجنة» فعلى الداعي المسلم أن يقابل الأذى الذي يلقاه بالصبر الجميل، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام ومن قبلهم رسل الله، فان هذا الصبر مما ينعقد عليه عزم المؤمنين وتتوجه إليه إرادتهم، قال تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (٣). (٤)

قال الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: «ولقد ذكر الله أسماء ثمانية عشر نبيًا عليهم السلام، فهو أولو العزم وأصحاب الرسالات الأولى، ثم قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} (٥). وهذا الأمر بالاقتداء كان ماثلًا في ذهن النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) سورة الحجر، الآية: ٩٧، ٩٩ ..
(٢) سورة الروم، الآية: ٦٠.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٨٦.
(٤) أصول الدعوة، د. عبد الكريم زيدان، ص ٣٢٧.
(٥) سورة الأنعام، الآيتان: ٨٩، ٩٠.

<<  <   >  >>