للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا قرأ قول الله عزَّ وجلَّ: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (١). فليعلم أنه متى استقام على أمره غلب ولو بعد حين، ولو كان وحيدًا فريدًا.

إن الرجل إذا تصدر الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ وكان مستقيمًا على أمر الله فليثق يقينًا بنصر الله عزَّ وجلَّ، ومن تمام ثقته بنصر الله عزَّ وجلَّ: ألا يعتمد قلبه إلا على الله، وييئس من مصر الجماهير له، ولا يزعجه قلة الأتباع إذا كان ذا منهج مستقيم، فالرسل كان أتباعهم قلة، وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - المعروف عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يجئ النبي يوم القيامة ومعه الرجل والنبي ومعه الرجلان وأكثر من ذلك فيدعى قومه فيقال لهم هل بلغكم هذا فيقولون لا فيقال له هل بلغت قومك فيقول نعم فيقال له من يشهد لك فيقول محمد وأمته فيدعى محمد وأمته فيقال لهم هل بلغ هذا قومه فيقولون نعم فيقال وما علمكم فيقولون جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا فذلك قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (٢). قال يقول عدلا {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (٣).

[٣ - الثقة بالله تعالى تعلم الداعية الصبر]

وقد قال الله تعالى: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} (٤).

قال الفخر الرازي رحمه الله: «والمعنى أنه تعالى أمره - صلى الله عليه وسلم - باتباع الوحي والتنزيل، فإن وصل إليه بسبب ذلك الاتباع مكروه فليصبر عليه إلى أن


(١) سورة يوسف، الآية: ٢١.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٤٣.
(٣) سورة البقرة، الآية: ١٤٣.
(٤) سورة يونس، الآية: ١٠٩.

<<  <   >  >>