للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث

ثقة المسلم بالله تعالى في التكفل بالرزق

ومن ثقة المسلم بالله تعالى أنه يثق أن الله عزَّ وجلَّ متكفل برزقه، وأن على الإنسان أن يأخذ بالأسباب التي تجلب الرزق، ويثق أن الله سيعطيه ما قدر له من رزق، ولن ينقص منه شيئًا.

[١ - الدعوة إلى ثقة المسلم بالله في التكفل بالرزق]

لقد دلت الكثير من النصوص الشرعية على أهمية الثقة بالله في التكفل بالأرزاق، وأن جميع المخلوقين ضمن الله رزقهم قال الله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (١).

قال الطبري رحمه الله: «يعني تعالى ذكره بقوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}، وما تدب دابة في الأرض. و «الدابة» «الفاعلة»، من دبَّ فهو يدب، وهو دابٌّ، وهي دابة.

{إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} يقول: إلا ومن الله رزقها الذي يصل إليها، هو به متكفل، وذلك قوتها وغذاؤها وما به عيشها. قال مجاهد، في قوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} قال: ما جاءها من رزقٍ فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعًا، ولكن ما كان من رزقٍ فمن الله.

وقوله: {يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا} حيث تستقر فيه، وذلك مأواها الذي تأوي إليه ليلًا أو نهارًا {وَمُسْتَوْدَعَهَا} الموضع الذي يودعها، إما بموتها، فيه، أو دفنها.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {مُسْتَقَرَّهَا} حيث تأوي {وَمُسْتَوْدَعَهَا}، حيث تموت» (٢).


(١) سورة هود، الآية: ٦.
(٢) جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير الطبري، تحقيق: أحمد محمد شاكر، ١٥/ ٢٤٠.

<<  <   >  >>