للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقيض لهم أسباب الابتلاء والمحن ليصلوا إليها. ومنها أن الشهادة من أعلى مراتب الأولياء فساقهم إليهم. ومنها أنه أراد إهلاك أعدائه، فقيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها ذلك من كفرهم وبغيهم وطغيانهم في أذى أوليائه، فمحص بذلك ذنوب المؤمنين، ومحق بذلك الكافرين» (١).

[٤ - ثقة النبي بالله تعالى في غزوة الأحزاب]

ومن الثقة في نصر الله تعالى ما كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الأحزاب، وقد التفت عليه جموع الشرك والمشركين، وصناديد الكفر والمنافقين ومع ذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - واثقًا من نصر الله تعالى له.

فعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفر الخندق قال وعرض لنا صخرة في مكان من الخندق لا تأخذ فيها المعاول قال فشكوها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عوف وأحسبه قال وضع ثوبه ثم هبط إلى الصخرة فأخذ المعول فقال: بسم الله فضرب ضربة فكسر ثلث الحجر وقال الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام والله أني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا ثم قال بسم الله وضرب أخرى فكسر ثلث الحجر فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس والله أني لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا ثم قال بسم الله وضرب ضربة أخرى فقلع بقية الحجر فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن والله أني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا» (٢).

ولقد كان المسلمون يدعون الله تعالى: «اللَّهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا»، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الأحزاب، فقال: «اللَّهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم».


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، أحمد بن حجر العسقلاني، ٧/ ٣٤٧.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده رقم ١٨٧١٦، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف لضعف ميمون أبي عبد الله (٤/ ٣٠٣).

<<  <   >  >>