للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأحزاب التي تجاوزت عشرة آلاف مقاتل لم تهزم بالقتال من المسلمين، رغم تضحياتهم، ولم تهزم بعبقرية المواجهة، إنما هزمت بالله وحده: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} (١).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: «لا إله إلا الله وحده، أعز جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده، فلا شيء بعده» (٢).

«ودعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربه، واعتماده عليه وحده، لا يتناقض أبدًا مع التماس الأسباب البشرية للنصر، فقد تعامل - صلى الله عليه وسلم - في هذه الغزوة مع سنة الأخذ بالأسباب، فبذل جهده لتفريق الأحزاب، وفك الحصار، وغير ذلك من الأمور. إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا سنة الأخذ بالأسباب، وضرورة الالتجاء إلى الله وإخلاص العبودية له؛ لأنه لا تجدي وسائل القوة كلها إذا لم تتوافر وسيلة التضرع إلى الله والإكثار من الإقبال عليه بالدعاء والاستغاثة، فقد كان الدعاء والتضرع إلى الله من الأعمال المتكررة الدائمة التي فزع إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته كلها» (٣).

وما من شك أن النماذج كثيرة ومتعددة في الثقة في نصر الله، ولكن يكفي للتدليل ما ذكرنا.


(١) سورة الأحزاب، الآية: ٩.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق، رقم ٤١١٤.
(٣) فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة، د. محمد سعيد رمضان البوطي، ص ٢٢٢، ط/ دار الفكر المعاصر، بيروت: ١٩٩٤ م.

<<  <   >  >>