للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد أخبر الله أنه إن دعاه العبد وعبده بحق، استجاب له، فإن الدعاء في نفسه عبادة، والدعاء: هو السؤال بجلب النفع ودفع الضر. ودعاء غير الله لا يفيد شيئًا، فإن القادر على إجابة الدعاء هو الله، والله سبحانه هو الذي أمر عباده بدعائه، ووعدهم بالإجابة، ووعده الحق. وإن الذين يتكبرون ويتعظمون عن دعاء الله وعبادته وحده، سيدخلون جهنم صاغرين أذلاء.

ولقد اشتملت الآية على أمر العبادة بالدعاء والتكفل لهم بالإجابة فضلًا من الله وكرمًا، وهذا وعد، كذلك اشتملت أيضًا على وعيد شديد لمن استكبر عن دعاء الله، فالله هو الكريم الذي يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، ويغضب على من لم يطلب من فضله العظيم وملكه الواسع ما يحتاج إليه من أمور الدنيا والآخرة.

قال ابن كثير رحمه الله: «هذا من فضله، تبارك وتعالى، وكرمه أنه ندب عباده إلى دعائه، وتكفل لهم بالإجابة، كما كان سفيان الثوري يقول يا من أحب عباده إليه من سأله فأكثر سؤاله، ويا من أبغض عباده إليه من لم يسأله، وليس كذلك غيرك يا رب» (١).

وللدعاء أدب لا بد أن يراعى. إنه إخلاص القلب لله. والثقة بالاستجابة مع عدم اقتراح صورة معينة لها، أو تخصيص وقت أو ظرف فهذا الاقتراح ليس من أدب السؤال. والاعتقاد بأن التوجه للدعاء توفيق من الله، والاستجابة فضل آخر.

فأما الذين يستكبرون عن التوجه لله فجزاؤهم الحق أن يوجهوا أذلاء صاغرين لجهنم! وهذه نهاية الكبر الذي تنتفخ به قلوب وصدور في هذه الأرض الصغيرة، وفي هذه الحياة الرخيصة، وتنسى ضخامة خلق الله. فضلًا على نسيانها عظمة الله. ونسيانها للآخرة بعد النفخة والاستكبار.


(١) تفسير القرآن العظيم، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي، تحقيق: سامي بن محمد سلامة ٧/ ١٥٣، ط/ ٢، دار طيبة للنشر والتوزيع، الرياض: ١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م.

<<  <   >  >>