للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: كأن ماله إلا السماء! يا هذا الأرض له والسماء له، فإن لم يؤتني رزقي من السماء ساقه لي من الأرض وأنشد:

ورازق هذا الخلق في العسر واليسر ... وكيف أخاف الفقر والله رازقي

وللضب في البيداء والحوت في البحر ... تكفل بالأرزاق للخلق كلهم (١)

قال الشيخ السعدي رحمه الله: «أي: جميع ما دب على وجه الأرض، من آدمي، أو حيوان بري أو بحري، فالله تعالى قد تكفل بأرزاقهم وأقواتهم، فرزقها على الله.

{وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا} أي: يعلم مستقر هذه الدواب، وهو: المكان الذي تقيم فيه وتستقر فيه، وتأوي إليه، ومستودعها: المكان الذي تنتقل إليه في ذهابها مجيئها، وعوارض أحوالها. {كُلٌّ} من تفاصيل أحوالها {فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} أي: في اللوح المحفوظ المحتوي على جميع الحوادث الواقعة، والتي تقع في السموات والأرض. الجميع قد أحاط بها علم الله، وجرى بها قلمه، ونفذت فيها مشيئته، ووسعها رزقه، فلتطمئن القلوب إلى كفاية من تكفل بأرزاقها، وأحاط علماً بذواتها، وصفاتها» (٢).

إنه ما من نوع من أنواع دواب الأرض أو البحر أو الجو إلا على الله رزقها ومعيشتها وغذاؤها المناسب لها، المعد لطعامها بعد البحث والحركة والعمل، ويعلم مستقرها ومستودعها، أي يعلم منتهى سيرها في الأرض حيث تأوي إليه وهو مستقرها، والموضع الذي تأوي إليه من وكرها، ومكان موتها ودفنها، وهو مستودعها، وهذا يشمل بداية تكوينها ووجودها في الأصلاب والأرحام


(١) بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية، أبو سعيد محمد بن محمد الخادمي ٣/ ٥، ط/ ١، مطبعة الحلبي، القاهرة: ١٣٤٨ هـ.
(٢) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، تحقيق: د. عبد الرحمن بن معلا اللويحق، ص ٣٧٧.

<<  <   >  >>