للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الشوكاني رحمه الله: «ثم امتن سبحانه على عباده، فقال: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا} أي: سهلة لينة تستقرون عليها، ولم يجعلها خشنة بحيث يمتنع عليكم السكون فيها والمشي عليها، والذلول في الأصل واحد المنقاد الذي يذل لك، ولا يستصعب عليك، والمصدر الذل، والفاء في قوله: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} لترتيب الأمر بالمشي على الجعل المذكور، والأمر للإباحة. قال مجاهد، والكلبي، ومقاتل: مناكبها طرقها وأطرافها وجوانبها. وقال قتادة، وشهر بن حوشب: مناكبها جبالها، وأصل المنكب الجانب، ومنه منكب الرجل، ومنه الريح النكباء لأنها تأتي من جانب دون جانب {وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} أي: مما رزقكم وخلقه لكم في الأرض {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} أي: وإليه البعث من قبوركم لا إلى غيره، وفي هذا وعيد شديد» (١).

وقال النسفي رحمه الله: «وقوله سبحانه: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا} لينة سهلة مذللة لا تمنع المشي فيها {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} جوانبها استدلالًا واسترزاقًا أو جبالها أو طرقها {وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} أي من رزق الله فيها {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} أي وإليه نشوركم فهو سائلكم عن شكر ما أنعم به عليكم» (٢).

ومن الآيات أيضًا التي تدعو المسلم إلى الثقة بالله تعالى في رزقه، وأنه ينبغي للعبد أن يطلب الرزق من الله تعالى فقط قوله تعالى: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا


(١) فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، محمد بن علي بن محمد الشوكاني ٥/ ٢٦٧، ط/ ٢، دار الحديث، القاهرة: ١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م.
(٢) مدارك التنزيل وحقائق التأويل، أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي ٣/ ٤٥١، ط/ ١، المكتبة الأزهرية للتراث، القاهرة.

<<  <   >  >>