للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أفلس من مطلوبه، والناس في هذا المقام أربعة أقسام:

الأول: فأعجزهم من لم يبذل السبب ولم يكثر الطلب فذاك أمهن الخلق.

والثاني: وهو أحزم الناس من أدلى بالأسباب التي نصبها الله تعالى مفضية إلى المطلوب وسأل سؤال من لم يدل بسبب أصلًا بل سؤال مفلس بائس ليس له حيلة ولا وسيلة.

والثالث: من استعمل الأسباب وصرف همته إليها وقصر نظره عليها فهذا وإن كان له حظ مما رتبه الله تعالى عليها لكنه منقوص منقطع نصب الآفات والمعارضات لا يحصل له إلا بعد جهد فإذا حصل فهو وشيك الزوال سريع الانتقال غير معقب له توحيدًا ولا معرفة ولا كان سببًا لفتح الباب بينه وبين معبوده.

والرابع: وهو رجل نبذ الأسباب وراء ظهره وأقبل على الطالب والدعاء والابتهال فهذا يحمد في موضع، ويذم في موضع، ويشينه الأمر في موضع؛ فيحمد عند كون تلك الأسباب غير مأمور بها إذا فيها مضرة عليه في دينه فإذا تركها وأقبل على السؤال والابتهال والتضرع لله كان محموداً ويذم حيث كانت الأسباب مأمورًا بها فتركها وأقبل على الدعاء كمن حصره العدو وأمر بجهاده فترك جهاده وأقبل على الدعاء والتضرع أن يصرفه الله عنه وكمن جهده العطش وهو قادر على تناول الماء فتركه وأقبل يسأل الله تعالى أن يرويه وكمن أمكنه التداوي الشرعي فتركه وأقبل يسأل العافية ونظائر هذا كثير.

ويشتبه الأمر في الأسباب التي لا يتبين له عواقبها وفيها بعض الاشتباه ولها لوازم قد يعجز عنها وقد يتولد عنها ما يعود بنقصان دينه فهذا موضع اشتباه وخطر والحاكم في ذلك كله الأمر فإن خفي فالاستخارة وأمر الله وراء

<<  <   >  >>