للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يقصدون قصدًا واحدًا، وهو قيام مصلحة دينهم ودنياهم، ولو تفرقت الطرق وتعددت المشارب، فالأعمار متباينة، والقصد واحد، وهذه من الحكمة العامة النافعة في جميع الأمور» (١).

ومما يدل على أهمية إعداد الدعاة ما جاء عن أبي قلابة قال: حدثنا مالك - رضي الله عنه - قال: «أتينا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين يومًا وليلة وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحيمًا رفيقًا فلمَّا ظنَّ أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا سألنا عمَّن تركنا بعدنا فأخبرناه قال ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلِّموهم ومروهم وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها وصلُّوا كما رأيتموني أصلِّي فإذا حضرت الصلاة فليؤذِّن لكم أحدكم وليؤمَّكم أكبركم» (٢).

وأوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعاة الذين يرسلهم إلى الأمصار، فعن أبي بردة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذاً وأبا موسى رضي الله عنهما إلى اليمن قال: «يسِّرَا ولا تعسِّرَا وبشِّرَا ولا تنفِّرَا وتطاوعَا ولا تختلفَا» (٣).

وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالبلاغ عنه فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بلِّغوا عنِّي ولو آية وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النَّار» (٤).

قال الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: «إن تكوين الدعاة يعني تكوين الأمة، وأثر الرجل العبقري فيمن حوله كأثر المطر في الأرض، وأثر الشعاع في المكان المتألق، والأمم العظيمة ليست إلا صناعة حسنة لنفر من الرجال


(١) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، تحقيق: د. عبد الرحمن بن معلا اللويحق، ص ٣٥٥.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب: الأذان، باب: الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة، رقم ٥٩٥.
(٣) أخرجه البخاري|، كتاب: الجهاد والسير، باب: ما يكره من التنازع والاختلاف، رقم ٢٨١١، وأخرجه مسلم، كتاب: الجهاد والسير، باب: في الأمر بالتيسير وترك التنفير، رقم ٣٢٦٣.
(٤) أخرجه البخاري، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل، رقم ٣٢٠٢.

<<  <   >  >>