للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليوم فغدًا يظهر، مؤمنًا بأن الباطل زهوق، ولا بد من يوم يتغلب فيه الحق على الباطل، فإن دولة الباطل مؤقتة لا ثبات لها في ذاتها وإنما بقاؤها في نوم الحق عنها، ودولة الحق هي الثابتة بذاتها فلا يغلب أنصاره ما داموا معتصمين به مجتمعين عليه. فلا يليق بالداعي أن ييأس من الإصلاح إن لم يؤثر عمله الأول مرة، بل عليه أن يكرر النصيحة والعظمة المرة بعد الأخرى بنشاط لا يعرف الملل، ورجاء لا يعتريه اليأس» (١).

إن الثقة بالله وبالنصر من عند الله، والاعتماد على توفيقه وتأييده يوجد عند كل من الدعاة الحق، وتلك الثقة هي التي تأخذ بيديه، وتمسح الدموع من عينيه عندما يقف المعاندون في طريق الدعوة ويريدون أن يزرعوا العقبات في سبيل امتدادها حتى ليخل إلى الداعية أنها وصلت إلى طريق مسدود، وسوف لا تستطيع أن تشق طريقها إلى الأمام فإذا بالداعية يشعر كأن نصر الله حليفه، ويد الله شريكه، ويتأكد في قرارة نفسه، أنها سوف تستوفى حظها من الامتداد والانتشار، مهما وضعت في طريقها العراقيل وقامت الجنادل والصخور؛ لأن الله رضيها منهجًا صحيحًا وطريقًا محببًا، وتلك هي الثقة التي تتمثل في الآية الكريمة: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} (٢). وبهذه الثقة وحسن التوكل يتأكد للداعي أن الدعم الإلهي حليفه، وتأييد الله قرينه.

إن الجراءة في الحق قوة نفسية رائعة يستمدها المؤمن الداعية من الإيمان بالله الواحد الأحد، ومن الحق الذي يعتقده، ومن الخلود السرمدي الذي يوقن به، ومن القدر الذي يستسلم إليه، ومن المسؤولية التي يستشعر بها، وعلى قدر نصيب المؤمن من الإيمان بالله الذي لا يغلب، وبالحق الذي لا يخذل، يكون


(١) هداية المرشدين إلى طريق الوعظ والخطابة، الشيخ علي محفوظ، ص ١٠٣.
(٢) سورة إبراهيم، الآية: ١٢.

<<  <   >  >>