للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكمال ذاته وصفاته، واستحالة أن يكون واهب الكمال متجردا عنه (١).

٦ - صفة الكلام، فالكلام من صفات الكمال، وعدمه نقص ينافي الألوهية، ولهذا أبطل الله ألوهية العجل المزعومة بعدم الكلام، قال تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا} [الأعراف: ١٤٨]؟. فإذا كان الكلام كمالا مطلقا فإن الله أحق به من كل موجود، لكمال وجوده، ولأن من جعل غيره متكلما فهو الأحق بالكلام.

وسائر صفات الكمال تجري مجرى هذه الصفة، لكمال وجود الرب، ولأن انتفاءها يناقض حقيقة الألوهية، ولهذا أبطل الله الشرك بانتفاء صفات الكمال عن المعبودات الباطلة، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} [الأعراف: ١٩٤، ١٩٥]، وقال: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: ٢٠، ٢١]، وقال ـ حكاية عن الخليل ـ: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم: ٤٢]، فجعل دليل بطلان الشرك انتفاء صفات الكمال، لأن الإله الحق لابد أن يكون له المثل الأعلى، وذلك باتصافه بأعلى الصفات التي يستحيل معها وجود المثل حتى تألهه القلوب محبة ورغبة ورهبة (٢).


(١) انظر: الرسالة التدمرية ص١٤٢.
(٢) انظر: الفوائد لابن القيم ص٩٥ - ٩٨، شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص١٢٣، ١٢٤.

<<  <   >  >>