تفرد الرب بالمثل الأعلى من أعظم أدلة صحة التوحيد ووجوبه وبطلان الشرك وتحريمه، قال تعالى:{لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}[النحل: ٦٠]، فجعل مثل السوء المتضمن لكل عيب ونقص للمشركين وآلهتهم المزعومة، وأخبر أن المثل الأعلى المتضمن لجميع صفات الكمال لله وحده. وهذا يستلزم عقلا بطلان الشرك وصحة التوحيد. وعلى هذا المعنى الجامع والتلازم الضرورية قامت براهين التوحيد وإبطال الشرك، وهي أربعة أنواع:
الأول: الاستدلال بتوحيد الربوبية على توحيد العبادة، فإن تفرد الرب بمعاني الربوبية يستلزم إفراده بالعبادة، وذلك لاعتبارات متعددة، منها:
١ - أن التفرد بالربوبية يعني التفرد بتربية العباد بنعمه وإحسانه، وأصل ذلك الخلق، إذ كل ما بعده من النعم تابع له، وفرع عنه، ولاشك أن شكر من تفرد بالخلق والإنعام أوجب شيء في العقول.
٢ - أن التفرد بالربوبية يعني التفرد التام بجلب المنافع ودفع
(١) انظر في الرجاء ومتعلقاته: قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام ١/ ٢١، ٢٠٦، مدارج السالكين لابن القيم ٢/ ٣٦، الفوائد لابن القيم أيضا ص٩٥، شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص٣٤٣، تيسير العزيز الحميد لسليمان آل الشيخ ص٤٠، ١٧٤، ١٨٣، ٢٢٠، ٢٤٣، روح المعاني للآلوسي ٥/ ٩/١٢، ١٣.