للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: {ذُو الْقُوَّةِ} [الذاريات: ٥٨]، وقال: {ذُو الرَّحْمَةِ} [الكهف: ٥٨]، وفي ذلك دلالة على أن أسماء الرب مشتقة من صفاته ـ بمعنى أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى لا أنها متولدة منها تولد الفرع من أصله، بحيث يسوغ إثبات ما لم يرد من الأسماء اشتقاقا من صفات الرب وأفعاله ـ فالعليم مشتق من العلم، والقوي من القوة، والرحيم من الرحمة، ولولا ثبوت مصادر ما ورد من الأسماء الحسنى لانتفت حقيقتها، بل لانتفت حقيقة الذات، لأنه لا يمكن في الوجود الخارجي وجود ذات بلا صفات، إذ قيام الصفات بالذات مقتضى الذاتية لا يختلف شاهدا ولا غائبا! (١).

وقد اعتبر علماء السلف إنكار حقائق الأسماء الحسنى ومعانيها من أعظم أنواع الإلحاد فيها، ورأوا فيه مخالفة ظاهرة لما هو معلوم من الدين بالضرورة، إذ لو كانت أعلاما جامدة لكفى أحدها في الدلالة على الذات، واعتبر سائرها لغوًا لا فائدة منه، ولما شرع في التوسل مراعاة الأسماء المناسبة للأدعية، ولجاز أن يسمى الله بما اتفق من الأسماء حتى لو تضمن نقصا! (٢).

[ثالثا: التنزيه عن النقص النسبي]

ثبوت المثل الأعلى والكمال المطلق يعني تنزيه الرب عن


(١) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية ٦/ ٩٥ - ١٠٥، شفاء العليل لابن القيم ص٤٤٨، شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص١٦.
(٢) انظر: شرح العقيدة الأصفهانية لابن تيمية ص٧٦، ٧٧، بدائع الفوائد لابن القيم ١/ ١٦٩، ابن حزم وموقفه من الإلهيات للدكتور أحمد الحمد ص١٨٨ - ٢٠٣.

<<  <   >  >>