أحمد الله في الختام كما حمدته في البدء فهو أهل للحمد في كل موطن، وبعد:
فقد انتهيت من دراستي لحقيقة المثل الأعلى إلى جملة من النتائج، منها:
١ - لفظ (المثل) يستعمل لغة بمعنى النظير، والمثل المضروب، والصفة، واستعماله في هذه المعاني الثلاثة حقيقي، ولا يصح ادعاء أنه حقيقة في معنى النظير مجاز في الباقي، لأن هذه الدعوى مبنية على وجود مواضعة متقدمة، وعلى أن اللغات اصطلاحية، وكلاهما أمران غير مُسَلَّمَيْن.
٢ - وردت عن السلف الصالح عبارات متعددة في تفسير المثل الأعلى، فمن نظر لحقيقة المثل الأعلى فسره بالصفة العليا، أو بالنزاهة عن المثل، وهما معنيان متكاملان ومترابطان، لأن الصفات العليا يستحيل معها وجود المثل وإلا لم تكن عليا، وانتفاء المثل يعني التفرد بأعلى صفات الكمال، ومن نظر لآثار المثل الأعلى فسره بتوحيد العبادة قولا وعملا، أو ببعض أدلته ومعانيه، وذلك لأن التفرد بصفات الكمال يستلزم إفراد الموصوف بها بجميع أنواع العبادة.
٣ - دقة كلمات السلف، وعمق مضامينها، وضرورة فهمها وفق أصولهم ومداركهم، والحذر مما يسلكه بعض العلماء