المضار، وهذا يقتضي عقلا أن يكون الرب وحده محل محبة العبد ورغبته ورهبته.
٣ - أن التفرد بالربوبية يعني التفرد بالخلق والملك والغنى الذاتي، وأن ما عدا الرب مخلوق مملوك فقير لا يصح عقلا أن يكون محلا لمحبة العبد ورغبته ورجائه، ولا لشيء مما ينشأ عن ذلك من عباداته!! وعلى هذه الاعتبارات وما يجري مجراها جاء هذا النوع من براهين القرآن على صحة التوحيد وبطلان الشرك، فمن تفرد بمعاني الربوبية من خلق وتدبير وملك وعناية وهداية ونفع وضر فهو المستحق عقلا وشرعا للعبادة وحده، قال تعالى:{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}[يونس: ٣]، وقال:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}[الزمر: ٦]، وقال:{أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ......} الآيات [النمل: ٦٠ - ٦٤].
الثاني: الاستدلال بتوحيد الصفات على توحيد العبادة، فإن التفرد بصفات الكمال المطلق يستلزم تعلق القلب بالموصوف بها محبة وخوفا ورجاء وتألها في الظاهر والباطن، وهذا البرهان ينتظم جميع ما ورد من صفات الكمال، فكلها أدلة على توحيد العبادة سواء أصرح بذكر لازمها، أو ذكرت مجردة. فمما ذكر مجردا قوله تعالى:{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}[الأنعام: ٦١]، وقوله:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه: ٥]، وقوله:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: