الجامع لكمالاته، وقد تواطأت النصوص على بيان هذه الأخبار حتى كأن العباد ينظرون إلى ربهم فوق سماواته، مستو على عرشه، يسمع أصوات خلقه، ويرى ظواهرهم وبواطنهم، ويدبر أمورهم، ويقضي حاجاتهم. وقد قعدت المعطلة على رأس هذا الطريق تنفر الناس عنه بألفاظ ظاهرها التنزيه وباطنها التعطيل حتى راجت مقالاتهم على كثير من الناس، وحيل بينهم وبين أعظم طرق المعرفة، ولهذا قال علماء السلف: إن المعطلة قطاع الطريق على القلوب!.
٤ - كمال العلم بمثل الرب الأعلى وصفات كماله يثمر في حياة المؤمن صدق العبادة والاستعانة، وهما أصلا السعادة في الدنيا والآخرة، وكل نوع من صفات الكمال يثمر عبادات قلبية خاصة تدفع الجوارح لفعل الطاعة وترك المعصية، وتصونها عن الشرك بمظاهره وأنواعه، فصفات الرحمة مثلا تورث القلب الرجاء المحمود، وتصونه من التعلق بالخلق رجاء كشف الضر أو تحويله، وتدفع المؤمن إلى التوبة والإكثار من الأعمال الصالحة، رجاء القبول وتحقق الوعد بالجنة.
٥ - براهين التوحيد وأمثاله يجمعها الاستدلال على التوحيد بتجرد الآلهة الباطلة عن معاني الربوبية وصفات الكمال وتفرد الإله الحق بتلك المعاني والصفات، أي أن أدلة التوحيد دائرة مع المثل الأعلى وجودا وعدما، ولهذا جعل الله مثل السوق المتضمن لكل عيب ونقص للمشركين وآلهتهم المزعومة، وأخبر أن المثل الأعلى المتضمن لجميع صفات الكمال لله وحده، وهذا التلازم يدل على بطلان الشرك وصحة التوحيد ضرورة.