للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كنت صادقا، وإنما تكون مادحا إذا أجملت في النفي فقلت: أنت لست مثل أحد من رعيتك، أنت أعلى منهم، وأشرف، وأجل، فإذا أجملت في النفي أجملت في الأدب" (١).

ثم إن الاعتماد في التنزيه على تفصيل الصفات السلبية المحضة يتضمن مع ذلك ثلاثة أمور باطلة:

١ - مخالفة القرآن الكريم في إثباته ونفيه، فإن القرآن الكريم فصل في إثبات صفات الكمال وأجمل في النفي غالبا، وذلك بخلاف هذه الطريقة التي عمادها تفصيل النفي وإجمال الإثبات. يقول ابن تيمية رحمه الله: "الله تعالى بعث رسله بإثبات مفصل، ونفي مجمل، فأثبتوا له الصفات على وجه التفصيل، ونفوا عنه ما لا يصلح له من التشبيه والتمثيل ..... وأما من زاغ وحاد عن سبيلهم من الكفار والمشركين والذين أوتوا الكتاب ومن دخل في هؤلاء من الصابئة والمتفلسفة والجهمية والقرامطة والباطنية ونحوهم فإنهم على ضد ذلك، فإنهم يصفونه بالصفات السلبية على وجه التفصيل، ولا يثبتون إلا وجودا مطلقا لا حقيقة له عند التحصيل، وإنما يرجع إلى وجود في الأذهان يمتنع تحققه في الأعيان" (٢).

٢ - أن طريقتهم في التنزيه مشتملة على ألفاظ مجملة ظاهرها التنزيه ومقصودها التعطيل، فنفي الأعراض أو التعدد أو التكثر يقصد به نفي الصفات، ونفي الأبعاض مقصوده نفي الصفات الذاتية، كاليد والوجه والأصبع، ونفي حلول الحوادث أو التجدد أو التغير، يعني نفي الصفات الاختيارية، كالكلام والنزول، ونفي


(١) شرح الطحاوية ص٥٠.
(٢) الرسالة التدمرية ص٨ - ١٦.

<<  <   >  >>