واعتبار وحدانية الأفعال مناط النجاة! وتبعا لذلك فقد أعرضوا عن مناط التنزيه الذي جاءت به النصوص، وجعلوا القاعدة في ذلك دليل الأجسام فكانت العاقبة تناقض التطبيق، ومخالفة العقل والنقل جزاء فساد التأصيل ومخالفة الوحي. ومن هنا تبرز أهمية تحرير معنى المثل الأعلى وفق المأثور عن علماء السلف ووفق قواعدهم المعروفة، ومن ثم بيان مدلولاته وآثاره في الإثبات والتنزيه وفق المنهج السلفي المحكم في أصله وفرعه، لأنه مستمد من القرآن المنزه عن الاختلاف، كما قال الله تعالى:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}[النساء: ٨٢].
وهذه الدراسة عبارة عن خطوة في سبيل تحقيق هذه الغاية، أردت منها بيان مضامين عبارات السلف في معنى المثل الأعلى، وبخاصة في جانب التنزيه، لكثرة تلبيس المتكلمين في هذا الجانب حتى راجت أباطيلهم على كثير من المسلمين تحت شعار التنزيه عن النقص والمثل!.
وقد راعيت فيها قواعد البحث العلمي المتعارف عليها في مجال الدراسات الإسلامية، فوثقت القضايا العلمية من مصادرها الأصلية، وأوضحت ما تدعو حاجة البحث إلى إيضاحه، وعرضت قضاياه بأسلوب واضح ومحدد قدر المستطاع إلى غير ذلك مما هو معروف لدى الباحثين.
وقد جاءت الدراسة في مبحثين وخاتمة:
* المبحث الأول: في معنى المثل الأعلى، ويشتمل على أمرين: