وقد عني علماء السلف بتحديد مدلول المثل الأعلى، وتفسيره من وجوه مختلفة، فمن حيث حقيقته فسروه بصفات الكمال التي يستحيل معها وجود المثل والكفء، ومن حيث آثاره فسروه بالتوحيد وما يتضمنه من حقائق الإيمان، وهما معنيان مترابطان أحكم ترابط وأوثقه، فإن معرفة الرب وعبادته، وبراهين التوحيد وأدلته كلها مبنية على كمال العلم بما يجمعه مثل الرب الأعلى من صفات الكمال.
وعلى هذا فإن دراسة المثل الأعلى تتطلب دراسة أمرين مترابطين ومتكاملين:
أحدهما: حقيقة المثل الأعلى، وذلك ببيان معناه، وشرح مدلولاته، التي يجمعها ثبوت الكمال الوجودي المطلق المنافي لصفات النقص ووجود المثل، وقد أفردت هذا الجانب بدراسة سابقة، بعنوان:"حقيقة المثل الأعلى".
والثاني: آثار المثل الأعلى، وذلك ببيان ما يثمره صدق التحقق بمعرفة المثل الأعلى من حقائق التوحيد، وما ينبني على التفرد به من براهين الإيمان. وهذا الجانب هو موضوع هذه الدراسة، وهي في تمهيد ومطلبين وخاتمة:
فالتمهيد: في معنى المثل الأعلى.
والمطلب الأول: في معرفة الرب وعبادته، ويشتمل على المسائل الآتية: