للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والظاهر أن تخصيص الصفة العليا بالتوحيد والإخلاص من تخريجات المفسرين، واجتهاداتهم في التوفيق بين العبارات المأثورة عن السلف في تفسير المثل الأعلى، لأن التوحيد والإخلاص من آثار الوصف الأعلى، وليس هو الوصف الأعلى نفسه، ولهذا درج أكثر المفسرين على اعتبار تفسير المثل الأعلى بالتوحيد قولا مستقلا عن تفسيره بالصفة!.

القول الثاني: أن المراد بالمثل الأعلى تنزيه الرب عن وجود المثل. روى الإمام الطبري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النحل: ٦٠]، قال: "يقول: ليس كمثله شيء" (١). وهذا القول محقق لتفسير المثل الأعلى بالوصف الأعلى، لأن نفي المثل إذا ورد في سياق المدح دل على التفرد بصفات الكمال، ولهذا قال القرطبي: "المثل الأعلى وصفه بما لا شبيه له ولا نظير" (٢).

القول الثالث: أن المراد بالمثل الأعلى كلمة التوحيد، وما دلت عليه من حقائق الإيمان، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "المثل الأعلى شهادة أن لا إله إلا الله" (٣). ويؤثر نحوه عن قتادة ومجاهد ومحمد بن المنكدر (٤). وقال قتادة في رواية ثانية: "المثل الأعلى


(١) تفسير الطبري ١١/ ٢١/٣٨.
(٢) تفسير القرطبي ١٠/ ١١٩، وانظر: الصواعق المرسلة لابن القيم ٣/ ١٠٢٢.
(٣) تفسير البغوي ٣/ ٧٣، تفسير القرطبي ١٠/ ١١٩.
(٤) انظر: تفسير الطبري ٨/ ١٤/١٢٥، ١١/ ٢١/٣٨، معاني القرآن للنحاس ٤/ ٧٧، تفسير القرطبي ١٤/ ٢٢، تفسير ابن كثير ٣/ ٤٣١، الدر المنثور للسيوطي ٤/ ١٢١.

<<  <   >  >>