للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجاء ثوابه والخوف من عقابه والالتزام بعبادة الله وحده قولا وعملا، وهذا هو المقصود الأعظم لما أخبرنا الله به من تفرده بالمثل الأعلى في السماوات والأرض، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ * فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٢٧ - ٣٠]، فتمدح الحق سبحانه وتعالى بتفرده بالمثل الأعلى، ثم أتبع ذلك بالأمر بلزوم موجبه والمقصود من ذكره، وهو البراءة من عبادة ما سوى الله، وإفراد الله بجميع أنواع العبادة. والأمر بهذا التوحيد والإخلاص مستفاد من المثل المضروب ببطلان الشرك ولزوم التوحيد، ومن التشنيع بجهل المشركين واتباعهم أهوائهم بغير علم، ومن الأمر الصريح في آخر الآيات بالإخلاص الموافق للفطرة، ولهذا فسر كثير من علماء السلف المثل الأعلى بمقصوده الأعظم من التوحيد والإخلاص. يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "المثل الأعلى شهادة أن لا إله إلا الله" (١)، ويقول قتادة: "المثل الأعلى شهادة أن لا إله إلا الله" (٢)،

ويقول: "المثل الأعلى الإخلاص والتوحيد" (٣)، وقال مجاهد: "المثل


(١) تفسير البغوي ٣/ ٧٣، تفسير القرطبي ١٠/ ١١٩.
(٢) تفسير الطبري ٨/ ١٤/١٢٥، معاني القرآن للنحاس ٤/ ٧٧ ..
(٣) المرجعان السابقان، تفسير القرطبي ١٤/ ٢٢.

<<  <   >  >>