للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع ذلك على ما يليق بالرب، من الأفعال، ولهذا نزه الرب نفسه عن كل ما ينافي كماله من الأفعال، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} [الأنبياء: ١٦]، وقال: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: ١١٥]، وقال: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: ٣٥، ٣٦]، وقال: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: ٤٤ - ٤٧]، فنزه نفسه عن اللعب والعبث والظلم وتصديق المتنبئ بما لا معارض له من البراهين، لأن هذه الأفعال تنافي كماله وحكمته وعدله ورحمته (١).

الثالث: الاستدلال بأوصاف الآلهة الباطلة على التوحيد، فإن كل ما يعبد من دون الله تعالى من بشر، أو شجر، أو حجر، أو غير ذلك يجمعهم مثل السوء من الحدوث والعجز والفقر، وهي كلها صفات نقص تبطل ألوهيتهم المزعومة، وقد فصل القرآن هذه الصفات في نصوص كثيرة بطرق متعددة، منها:

١ - تقرير أن كل ما يعبد من دون الله مخلوق مربوب لا قدرة له على الخلق، وهذا يقتضي ضرورة بطلان الشرك، وأن الإله الحق هو خالق هذه المعبودات والخلق أجمعين، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [النحل: ٢٠]، وقال: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [الأعراف: ١٩١]، وقال: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: ١١]. يقول ابن القيم: "إن زعموا أن آلهتهم خلقت شيئا مع الله


(١) انظر: شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص٣٦.

<<  <   >  >>