للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثقال ذرة في السماوات والأرض، فقد يقول المشرك: هي شريكة لمالك الحق.

فنفى شركتها له، فيقول المشرك: قد تكون ظهيرا أو وزيرا ومعاونا، فقال: وما له منهم من ظهير، فلم يبق إلا الشفاعة فنفاها عن آلهتهم، وأخبر أنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه" (١).

٣ - بيان ما عليه الآلهة المزعومة من صفات النقص المنافية للألوهية، فهي إما مخلوقات محتاجة، لا قيام لها بنفسها، أو جمادات لا تسمع ولا تبصر ولا تتكلم، قال تعالى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَاكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المائدة: ٧٥]، وقال: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} [فاطر: ١٤]، وقال ـ حكاية عن الخليل عليه السلام ـ: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم: ٤٢]، وقال: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ} [الأعراف: ١٤٨] (٢).

الرابع: الاستدلال على التوحيد بضرب الأمثال في المعاني (٣)،

وهي عبارة عن براهين وحجج تفيد توضيحا للمعنى


(١) الصواعق المرسلة ٢/ ٤٦١، ٤٦٢.
(٢) وانظر في هذه البراهين الثلاثة: القول السديد لعبد الرحمن بن سعدي ص٦١ - ٦٩، دعوة التوحيد لمحمد خليل هراس ص٣٥ - ٤١، الأدلة العقلية على أصول الاعتقاد لسعود العريفي ص٣٩٠ - ٤٥٠.
(٣) هذا لإخراج المثل اللغوي، وهو القول السائر الممثل مضربه بمورده، وهو الذي عني به علماء اللغة، وأفردوا له مؤلفات مستقلة، كمجمع الأمثال لأبي الفضل الميداني. وفائدة هذه الأمثال ترجع إلى التعبير اللغوي ولا دلالة فيه على الأحكام، لأن الدلالة على الأحكام مخصوصة بأمثال المعاني سواء أكانت معينة أم كلية، فالأمثال المعينة هي التي يقاس فيها الفرع بأصل معين إما موجود أو مقدر، وفي بعض المواضع يذكر الأصل من غير تصريح بذكر الفرع، والقصص القرآني من هذا الباب، فإنها كلها أصول قياس ولا يمكن تعديد ما يلحق بها من الفروع.
والأمثال المعينة ترجع إلى القياس الفقهي المشهور بقياس التمثيل.
أما الأمثال الكلية فهي التي يقاس فيها الفرع (المثل) بالمعنى الكلي، لأن القضية الكلية في قياس الشمول تماثل كل ما يندرج فيها من الأفراد، فإن الذهن يرتسم فيه معنى عام يماثل الفرد المعين، فصار هذا قياسا حقيقة، وهو ضرب مثل في نفس الوقت، لأن ضرب المثل هو القياس بعينه.

انظر: مجمع الأمثال للميداني ١/ ٥، مجموع الفتاوى لابن تيمية ١٤/ ٥٤ - ٦٨، ١٦/ ٤١.

<<  <   >  >>