وذلك أن طريقة السلف تقوم في نظرهم على التفويض، أي تفويض المعاني وإمرار نصوص الصفات دون اعتقاد لثبوت مدلولها واتصاف الرب بما دلت عليه!.
أما طريقة الخلف وهم المتكلمون وأتباعهم فهي تقوم على تفسير نصوص الصفات بما ينفي حقيقتها عن الرب، ولهذا جعلوا الحق دائرا بين التفويض والتأويل في كل نص يوهم التمثيل في نظرهم، وزعموا أن طريق التفويض أسلم، وطريق التأويل أعلم وأحكم. وهذا تنقص للسلف، وطعن في علمهم وإيمانهم، كما أنه تناقض ظاهر، إذ مقتضى السلامة العلم والحكمة!.
٣ - تعطيل دلالة الخلق والأمر على الصفات، فإن المخلوق يدل على صفات الرب من حيث وجوده وصفاته، فوجود المخلوق بعد عدمه دليل على وجود الخالق وحياته وقدرته وعلمه ومشيئته، لأن الفعل الاختياري يستلزم ذلك استلزما ضروريا، ويستحيل وجوده دونها. وصفات الكمال في المخلوق تدل على صفات خالقه، فما فيه من الإتقان يدل على حكمة خالقه، وما فيه من التخصيصات المتنوعة يدل على الإرادة. وما فيه من رحمة وعلم وسمع وبصر وكلام يدل على ثبوتها للخالق من باب أولى، لأن معطي الكمال أحق به.
وكذلك شأن الأمر فإنه يدل على صفات الكمال، فإن ما في الأوامر الشرعية من الحكم والمصالح والمنافع دليل على علم الخالق وحكمته، وهكذا أوامره وأحكامه الكونية، فإنها تدل على صفاته من وجوه مختلفة، فإن الإحسان إلى المطيعين دليل على المحبة والرضى، وعقوبة العصاة دليل على الغضب، واستجابة