للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن عُدِمَ فعل المقدور إنما يُسمَّى تَرْكًا إذا كان حاصلا بالقصد فلا يُقال تَرَكَ النائم الكتابة، ولذلك يتعلق بالتَّرْكِ الذم والمدح والثواب والعقاب، فلولا أنه اعتبر فيه القصد لم يكن كذلك قطعًا.

وذلك أن التَّرْكَ من أفعال القلوب؛ لأنه انصراف القلب عن الفعل وكَفُّ النَّفس عن ارتياده.

المسألة الثانية: أحكام التَّرْكِ:

ويمكن بيان ذلك في النقاط الآتية:

أولاً: أن التَّرْكَ داخل تحت التكليف (١).

التَّرْكُ معدود من الأفعال المُكلَّف بها؛ خلافًا لمن زعم أن التَّرك أمر عدمي لا وجود له، والعدم عبارة عن لا شيء.

والدليل على أن الترك فعل من القرآن قوله - تعالى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: ٧٩] فسمَّى الله عدم تناهيهم عن المنكر فعلا وذمهم على هذا الفعل، فقال - سبحانه: {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} , ومن السُّنَّة قوله - صلى الله عليه وسلم -: «المُسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» (٢) فَسُمِّيَ تَرْكُ الأذى إسلامًا وهو يدل على أن التُّرْك فعل.


(١) انظر: مذكرة الشنقيطي ص (٣٨، ٣٩).
(٢) أخرجه البخاري ص (٨) برقم (١٠) ومسلم ص (٤٧) ص (٤١).

<<  <   >  >>