للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجواب: أن السبب المقتضي لوضع أعلام تميز حدود حرم المدينة ويعرف بها ما يدخل في حد الحرم وما لا يدخل قد كان منتفيًا في عصره - صلى الله عليه وسلم - حيث كانت حدود حرم المدينة معلومة العين، بارزة لا تخفى على ذي عين، بل إن دور المدينة كلها واقعة بين اللابتين، وكانت اللابتان تحيط بأطراف المدينة.

قال المحب الطبري: "معنى لابتي المدينة: أي طرفاها" (١).

ومن هنا يعلم أن اللابتين كانتا في عصره - صلى الله عليه وسلم - واضحتي المعالم ظاهرتين للمُعاين، لا يرد في حدهما إشكال ولا يتأتى بشأنهما نزاع؛ بسبب قلة السكان، وضيق مساحة العمران, فانتفى لأجل ذلك المقتضي الموجب نصب أعلام على حدود الحرم.

وقد يكون السبب في ترك وضع أعلام لحدود حرم المدينة في العهود السالفة: أن المدينة النبوية ظلت مدة طويلة خاضعة لحكم الدولة العثمانية التي كانت تعتمد المذهب الحنفي الذي يرى أصحابه أن المدينة ليست كمكة في التحريم (٢).

أما في وقتنا هذا فقد وجد هذا المقتضي وقام السبب الداعي إلى وضع أعلام تُبَيِّن حدود هاتين الحرَّتين وما بينهما


(١) القرى لقاصد أم القرى ص (٦٧٣).
(٢) انظر المبسوط (٤/ ١٠٥).

<<  <   >  >>