للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله الأرض الميتة بوابل السماء) (١).

وترجم البخاري في كتاب العلم لباب في: (الاغتباط في العلم والحكمة)، باعتبار أن العلم وسيلة، وأن الحكمة نتيجة طبيعية، ولذلك نقل في الترجمة قول عمر: (تفقَّهوا قبل أن تسودوا)، لما تحتاجه الإمرة من حكمة العلم وتجربة العلماء، ولما قد تشتغل الإمرة المبكرة في سن الصبا، ولم يُرِد البخاري أن يُفهم من قول عمر أن السيادة والإمرة تمنع من التواضع للعلم والعلماء، فعقَّب البخاري: (وبعد أن تسودوا، وقد تعلم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في كبر سنهم) (٢).

ثم إن من مشارب الحكمة الاستفادة من العمر والتجارب، بالاعتبار وأخذ الحيطة لأمر الدين والدنيا، ففي الحديث: «لا يُلدَغ المؤمن من جُحر واحد مرتين» (٣).

وكثرة التجارب هي التي تكسب صاحبها الحلم والحكمة، وهذا ما يُفهم من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا حليم إلا ذو عثرة، ولا حكيم إلا ذو تجربة» (٤)، وعلَّق عليه ابن الأثير: (معناه: لا يحصل الحلم حتى


(١) موطأ مالك ٢/ ١٠٠٢ - كتاب العلم - باب ١ - الحديث ١ (وهو من بلاغات مالك).
(٢) صحيح البخاري - العلم - من ترجمة باب ١٥ الاغتباط في العلم والحكمة (الفتح ١/ ١٦٥).
(٣) صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب ٨٣ - الحديث ٦١٣٣ (فتح الباري ١٠/ ٥٢٩).
(٤) نقله ابن حجر في فتح الباري ١٠/ ٥٢٩ وقال: (أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأخرجه أحمد وصححه ابن حبان).

<<  <   >  >>