للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها» (١).

ويفسر ابن حجر الحكمة تفسيرًا جامعًا، فيقول: (المراد بالحكمة: كل ما منع من الجهل، وزجر عن القبيح) (٢).

والغرض من الوصول إلى أعلى درجة من الحكمة الحرص على الإصابة في القول والعمل، واستعمال هذه الحكمة في الدعوة إلى الله: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ ....} [النحل: ١٢٥] ويقول ابن القيم (أطلق الحكمة ولم يقيدها بوصف الحسنة، إذ كلها حسنة، ووصف الحسن لها ذاتي) (٣).

ولذلك فإن المعايشين للدعاة ذوي الفطانة والحكمة يتذوقون لذة التأدب على أيديهم، ويستقبلون توجيهاتهم بارتياح ورضا وحسن قبول، كما جاء في روح المعاني عن صاحب البحر: (أنها الكلام الصواب الواقع م النفس أجمل موقع (٤)، وكلما كان الداعية أكثر فقهًا، وأرجح عقلًا، وأصوب بصيرة، كان أكثر حكمة، وقد جاء في فتح القدير أن الحكمة التي أوتيها لقمان هي: (الفقه والعقل والإصابة)، ووافقه القرطبي (٥).

ومن صور الدعوة بالحكمة: (النظر في أحوال المخاطَبين وظروفهم، والقدر الذي يُبيِّنه لهم في كل مرة؛ حتى لا يثقل عليهم، ولا يشق بالتكاليف قبل استعداد النفوس لها، والطريقة التي يخاطبهم


(١) صحيح البخاري - كتاب الأحكام - باب ٣ - الحديث ٧١٤١ (فتح الباري ١٣/ ١٢٠).
(٢) فتح الباري ١/ ١٦٦، عند شرحه للحديث ٧٣.
(٣) مدارج السالكين ١/ ٤٤٥.
(٤) روح المعاني جـ ١٤/ ٢٥٤ عند شرحه للآية ١٢٥ من سورة النحل.
(٥) فتح القدير للشوكاني ٤/ ٢٣٧.

<<  <   >  >>