للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ} [الشرح: ٧] {يَا يَحْيَى خُذِ الكِتَابَ بِقُوَّةٍ ...} [مريم: ١٢].

إن دينًا هذا شأنه لا يقبل من أتباعه الكسل والخمول، والعجز والسكون، والفتور والتواني، والاسترخاء وضعف الهمة.

ومن الإشارات الطيبة ما جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أحب الأسماء إلى الله تعالى: عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها: حارث وهمام ..» (١).

حيث يصدق على المرء من واقع حاله في هذه الحياة أن يصيبه الهم لأمر، فتئور فيه الهمة إليه، فيسعى ويحرث ويكتسب، وكلا الاسمين يدلان على الكدح وتجديد الإرادة ومواصلة العمل.

إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خُوطب من بدايات الدعوة بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ} [المدثر: ١، ٢] {يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلًا} [المزمل: ١ - ٢]، وحين كان يُدعى بعدها إلى النوم يقول لسان حاله: مضى عهد النوم، ويقول صاحب الظلال في ذلك: (علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يعد هناك نوم، وأن هناك تكليفًا ثقيلًا، وجهادًا طويلًا، وأنه الصحو والكد والجهد .. قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قم فقام وظل قائمًا بعدها أكثر من عشرين عامًا .. إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحًا، ولكنه يعيش صغيرًا، ويموت صغيرًا، فأما الكبير الذي يحمل هذا العبء فما له والنوم؟ وما له والراحة؟ وما له والفراش الدافئ، والعيش الهادئ، والمتاع المريح؟) (٢).


(١) صحيح سنن أبي داود للألباني - كتاب الأدب - باب ٦٩ - الحديث ٤١٤٠/ ٤٩٥٠ (صحيح).
(٢) في ظلال القرآن ٦/ ٣٧٤٢ - ٣٧٤٤.

<<  <   >  >>