للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا كان قوم موسى حين دُعوا للجهاد ولدخول لأرض المقدسة التي كتب الله لهم قعدت بهم الهمم، فقالوا: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: ٢٤]، فإن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أبت همَّتُها إلا أن تقول: «اذهب أنت وربك فقاتلا إننا معكما مقاتلون» (١).

لقد كان ضعف الهمة صفة مميزة للمنافقين والمتخلفين الذين فرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله، وقالوا:

{لَا تَنفِرُوا فِي الحَرِّ} [التوبة: ٨١].

وصدق سيد قطب حيث قال: (.. والصف الذي يتخلله الضعاف المسترخون لا يصمد؛ لأنهم يخذلونه في ساعة الشدة) (٢).

فلذلك لا بدَّ أن تكون الهمة صفة أصيلة في أخلاق أبناء هذا الدين؛ لكي يكونوا أقدر على الثبات والاحتمال والصمود.

إن العرب في الجاهلية كان عندهم من الهمة في تحمل المسؤولية ما نحن بحاجة إلى إحيائه واستنهاضه، ففي قصة بيعة العقبة الثانية حين اشترط رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل ..» (٣)، فبايعوه على جميع شروط البيعة، فقام أسعد بن زرارة وهو من أصغرهم، يريد أن يستوثق من همتهم، وأن يَلفِت


(١) السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ٢٦٦. رُوي حديث بيعة العقبة الثانية بإسناد صحيح وله شواهد كثيرة (انظر السيرة النبوية الصحيحة ٢/ ٣٥٩).
(٢) في ظلال القرآن ٣/ ١٦٨٣.
(٣) مسند أحمد ٣/ ٣٢٢، صحح الحاكم إسناده، وأقره الذهبي، وجودّه ابن كثير على شرط مسلم. (انظر بلوغ الأماي ٢٠/ ٢٧٠).

<<  <   >  >>