للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نظرهم إلى التضحيات التي تنتظرهم، فقال: (رويدًا يا أهل يثرب! فإنا لم نضرب أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تَعَضَّكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك وأجركم على الله، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم جبينة، فبيِّنوا ذلك، فهو عذر لكم عند الله، قالوا: أمطِ عنَّا يا أسعد! فوالله لا نترك هذه البيعة أبدًا ..) (١).

وإن السعي في أبواب الخير ليقتضي همة ونشاطًا واندفاعًا، وعبر عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «.. وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع بشدة ذراعَيْك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك ..» (٢).

وصاحب الهمة حريصٌ على أن ينصب ويتعب في إنجاز ما كلف به، حتى إذا فرغ منه قام بواجب آخر من الواجبات الكثيرة التي لا تجد لها حملة، فقد قام زيد بن ثابت حين رشَّحه أبو بكر لجمع القرآن بأداء ما طُلب منه، مع أنه قال: (فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن) (٣)، وأدى الذي عليه رضى الله عنه.

وحين كلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيدَ بن ثابت بتعلم لغة اليهود، تدفقت فيه الهمة، فكان من ثمارها ما عبر عنه بقوله: (فتعلمت


(١) مسند أحمد ٣/ ٣٢٢ (راجع الحاشية السابقة).
(٢) مسند أحمد ٥/ ١٦٨ - ١٦٩، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم ٤٠٣٨.
(٣) صحيح البخاري - كتاب التفسير - سورة ٩ - باب ٢٠ - الحديث ٤٦٧٩ (الفتح ٨/ ٣٤٤).

<<  <   >  >>