للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«يسروا ولا تعسروا».

بما أن الداعية لا بدَّ أن يختلط بالناس، فلابد أن يصبر على أذاهم، وأن يجنبهم أذاه، فلا يعسر عليهم حيث يمكن التيسير، ولا يشق عليهم حيث يمكن التخفيف.

خلق التيسير يعني: قابلية الشخص للتنازل والأخذ بالأيسر، طالمًا أن التيسير ممكن ولا حرج منه شرعًا، وإن الأمة التي تعد أبناءها ليكونوا مجاهدين، تعدهم أيضًا ليكونوا ميسرين، لا يتعنتون في طريقهم إلى الجهاد بما يفسد عليهم قلوبهم، أو يعكر صفو علاقاتهم، ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الغزو غزوانِ: فأما من ابتغى وجه الله، وأطاع الإمام، وأنفق الكريمة، ويَاسَر الشريك، واجتَنَب الفساد، فإن نومه ونُبْهَه أجر كله، وأما من غزا فخرًا ورياءً وسمعةً، وعصى الإمام، وأفسد في الأرض، فإنه لم يرجع بالكفاف» (١).

يقول الخطابي في شرح الحديث: (ياسر الشريك: معناه الأخذ باليسر في الأمر، والسهولة فيه مع الشريك والصاحب والمعاونة لهما) (٢)، فالمياسرة إحدى الأخلاق التي تجعل كل الأعمال المباحة للمجاهد مأجورة. ولفظ المياسرة يوحي بأن قابلية التيسير قائمة في كلا الطرفين المتصاحبين.


(١) مسند أحمد ٥/ ٢٣٤، وفي صحيح سنن أبي داود - كتاب الجهاد - باب ٢٥ - الحديث ٢١٩٥/ ٢٥١٥ (حسن).
(٢) معالم السنن للخطابي ٣/ ٣٠.

<<  <   >  >>