للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولِمَا لشخصية الداعية الميسِّر من كبير الأثر في المدعوين، فقد حمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الوصية للصحابيين - أبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما - قبل إرسالهما إلى اليمن: «بشِّرا ويسِّرا وعلِّما ولا تُنفِّرا - وأراه قال - وتطاوعا» (١).

وفي ترجمة باب عند البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (كان يحب التخفيف والتسري على الناس) (٢).

ولم يكن صلوات الله وسلامه عليه يقبل من أصحابه أي نوع من الغلظة والجفاء والإحراج، وإنما يقول لهم كما جاء في حديث الأعرابي الذي بال في المسجد، فثاروا عليه، وكادوا يعقون به: (دعوه، وأهريقوا على بوله ذَنُوبًا من ماء؛ فإنما بعثتُم ميسِّرين، ولم تبعثوا معسِّرين) (٣)، والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان أكبر مثلٍ في التعامل باليسر وعدم الأخذ بالشدة، وهذا ما وصفته به السيدة عائشة رضي الله عنها بقولها: (ما خُيِّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين إلا أخذ أيسرهما؛ ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه ..) (٤) وقال عن نفسه صلوات الله وسلامه عليه: «.. إن الله لم يبعثني مُعنِّتًا ولا مُتعنِّتًا ولكن بعثني معلمًا ميسرًا» (٥).


(١) صحيح مسلم - كتاب الأشرية - باب ٧ - الحديث ٧٠ (شرح النووي ٧/ ١٨١).
(٢) صحيح البخاري - كتاب الأدب - من ترجمة الباب ٨٠ - (فتح الباري ١٠/ ٥٢٤).
(٣) صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب ٨٠ الحديث ٦١٢٨ (فتح الباري ١٠/ ٥٢٥).
(٤) صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب ٨٠ - الحديث ٦١٢٦ (فتح الباري ١٠/ ٥٢٤ - ٥٢٥).
(٥) صحيح مسلم - كتاب الطلاق - باب ٤ - الحديث ٢٩/ ١٤٧٨.

<<  <   >  >>