للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يمكن أن يتميز به مجتمع المسلمين من صور التكافل: إعانة المَدِين (الغارم) بسداد دَيْنه، حتى إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فتح الله عليه الفتوح، واستغنى بيت مال المسلمين، قال: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن تُوفِّي من المؤمنين، فترك دَينًا، فعليَّ قضاؤه ..» (١)، ومساعدة الرقيق في تحصيل حريته، ومن ذلك أن بَريرة رضي الله عنها جاءت تستعين بعائشة رضي الله عنها، في التحرُّر من رقِّها، فكان من تكافل عائشة معها أن قالت لها: (إن شاء مواليك صببت لهم ثمنك صبة واحدة، وأعتقتك ..) (٢).

ومن صور التكافل الشرعية التكافل مع القاتل في دفع دِيَة المقتول، حيث تكلف عصبته وعشريته الأقربون الموسرون بتحمل دِيَة المقتول، مواساة وإعانة للقاتل خطأً، الذي قد تأتي الدية على كل ماله فترهقه، ولو عجزت عصبته، أو لم يكن له عصبة، دُفعت الدية من بيت المال (٣).

ومن أشد الصور: استنقاذ الأخ الأسير بكل غالٍ وثمين، وقد روي أن سلمة بن الأكوع غزا (هوازن) مع أبي بكر، فنفله جارية من بني فزارة من أجمل العرب، فلقيه النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، فقال له: «لله أبوك، هبها لي» فوهبها له، ففادى بها أسارى من أسارى المسلمين


(١) صحيح البخاري - كتاب النفقات - باب ١٥ - الحديث ٥٣٧١ (الفتح ٩/ ٥١٥).
(٢) مسند أحمد ٦/ ١٣٥ - كما رواه البخاري في كتاب الشروط - باب ٣ - الحديث ٢٧١٧.
(٣) يراجع تفصيل ذلك ذلك في باب العاقلة من كتاب الديات في كتب الفقه.

<<  <   >  >>