الصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أُبَيٍّ:(يا رسول الله، إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أُبيٍّ فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلًا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه، فوالله لقد علمت الخززج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني، وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس، فأقتله، فأقتل مؤمنًا بكافر فأدخل النار)، بهذه الصراحة، وبهذا الوضوح، احتاط لنفسه، فكان جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا»(١). وهكذا نرى أن التربية على الولاء للحق وحده، تُنشِئ رجالًا صرحاء، لا يعرفون التزييف والالتواء، ويبقى سؤال: هموم أمة الإسلام وآمالها، هل يحملها ويؤدي حقها الخراف الوديعة، أم الأسود الجريئة؟ فلنكن صرحاء.
خلاصة هذا الفصل وعناصره:
- إفراط الناس في المداراة انقلب إلى المداهنة.
- الفرق الدقيق بين المداراة والمداهنة.
- من صراحة الصحابة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
- أقصرت الصلاة أم نسيت؟
- يا رسول الله أَعَلَى عدو الله.
- حسبنا كتاب الله.
- تربية الصحابة على الصراحة جعلتهم لا يرون خيرًا فيمن لا يصارح.
- الصراحة في الاعتراف بالخطأ ترفع من قدر الصريح.
- لكي نعين الناس على الصراحة فلنقابل صراحتهم بالرفق.
(١) سيرة ابن هشام ٣/ ٣٠٥ - وقد وردت بعض تفاصيل هذا الموقف في روايات بعضها بسند رجاله ثقات، وأخرى بسند رجاله رجال الصحيح - وأصله في الصحيحين - (السيرة النبوية الصحيحة ٢/ ٤١٠).