للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجيل الأول: (ولقد وقعت المعجزة التي لا يقدر عليها إلا الله، والتي لا تصنعها إلا هذه العقيدة، فاستحالت هذه القلوب النافرة وهذه الطباع الشموس إلى هذه الكتلة المتراصة المتآخية، الذَّلول بعضها لبعض، المحب بعضها لبعض، المتآلف بعضها مع بعض، بهذا المستوى الذي لم يعرفه التاريخ) (١).

وصاحب الألفة بما يناله من رضا الله وحب ملائكته، «يوضع له القبول في الأرض» (٢)، وقد قيل في شرح الحديث: (المراد بالقبول الحب في قلوب أهل الدين والخير له، والرضا به، واستطابة ذكره في حال غيبته كما أجرى الله عادته بذلك في حق الصالحين من سلف هذه الأمة ومشاهير الأئمة) (٣).

ولا تعارض بين تألف الناس وبين المحافظة على الهيبة والاحترام، إذا أحسن المسلم التصرف ووازن بين المواقف؛ ولذلك نجد في وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (مَن رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه) (٤).

وخيار الناس في نظر الشرع هم الذين يألفون ويؤلفون، وخاصة حين يكونون في منصب أو مسؤولية؛ إذ قد يَنْزَلقون إلى صور من الغلظة والجفوة حين يكونون مطلوبين لا طالبين.

ولذلك يقول - صلى الله عليه وسلم -: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم،


(١) في ظلال القرآن ٣/ ١٥٤٨.
(٢) صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق - باب ٦، صحيح مسلم: كتاب البر ١٥٧.
(٣) دليل الفالحين ٢/ ٢٦٩.
(٤) رواه الترمذي في المناقب برقم ٣٦٤١ و ٣٦٤٢ وهو حديث حسن (جامع الأصول ١١/ ٢٢٥ برقم ٨٧٨٤).

<<  <   >  >>