للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جارٌ له، فقال: ليتني أُوتِيت مثلما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالًا، فهو يُهلِكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل» (١).

يقول ابن حجر: (وأما الحسد المذكور في الحديث فهو الغبطة، وأطلق الحسد عليها مجازًا، وهي أن يتمنَّى أن يكون له مثل ما لغيره من غير أن يزول عنه، والحرص على هذا يسمى منافسة فإن كان في الطاعة فهو محمود) (٢).

ومن صور ذلك التنافس الشريف المسابقة إلى صور من العبادة، قد لا يصبر على المداومة عليها إلا السابقون، وذلك كالأذان والصف الأول والتبكير إلى الصلوات، والحرص على جماعتي العشاء والفجر، قال - صلى الله عليه وسلم -: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتَوْهما ولو حبوًا» (٣).

ومن الصور العملية لذلك التنافس الشريف ما يكون بين الأنداد من التسابق في الخير، كالذي كان من المسابقة في البِرِّ بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ومن ذلك أنهما سمعا ثناء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قراءة ابن مسعود، بقوله: «مَن سرَّه أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل


(١) صحيح البخاري - كتاب فضائل القرآن - باب ٢٠ - الحديث ٥٠٢٦ (فتح الباري ٩/ ٧٣).
(٢) فتح الباري ١/ ١٦٧ - من شرح باب ١٥ من كتاب العلم.
(٣) صحيح البخاري - كتاب الأذان - باب ٩ - الحديث ٦١٥ (فتح البراري ٢/ ٩٦).

<<  <   >  >>