للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آخر قال عن الحسد: (الحسد تمني الشخص زوال النعمة عن مستحق لها - أعم من أن يسعى في ذلك أولًا - فإن سعى كان باغيًا، وإن لم يسعَ في ذلك، ولا أظهره، ولا تسبب في تأكيد أسباب الكراهة التي نُهِيَ المسلم عنها في حق المسلم، نُظر: فإن كان المانع له من ذلك العجز؛ بحيث لو تمكن لفعل، فهذا مأزور، وإن كان المانع له من ذلك التقوى، فقد يعذر؛ لأنه لا يستطيع دفع الخواطر النفسانية، فيكفيه في مجاهدتها ألا يعمل بها، ولا يعزم على العمل بها) (١).

وأحيانًا تصيب المرء مشاعر لا يملك مدافعتها، فأقل ما يعمله إيقافها عند حد الأمان كما في الحديث: «ثلاث لا يسلم منها أحد: الطيرة والظن والحسد، قيل: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: إذا تطيرت فلا ترجع، وإذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فلا تبغ» (٢).

وعن الحسن البصري قال: (ما من آدمي إلا وفيه الحسد، فمَن لم يجاوز ذلك إلى البغي والظلم، لم يتبعه من شيء) (٣).

ويوضح القرطبي الحسد المذموم بقوله: (فالمذموم أن تتمنى زوال نعمة الله عن أخيك المسلم، وسواء تمنيت مع ذلك أن تعود إليك أو لا .. وإنما كان مذمومًا؛ لأن فيه تسفيه الحق سبحانه، وأنه أنعم على من لا يستحق!) (٤).


(١) فتح الباري ١٠/ ٤٨٢.
(٢) أدرجه ابن حجر في الفتح ١٠/ ٤٨٢ ولم يعقب عليه، وفي ضعيف الجامع بألفاظ مقاربة عن الحسن مرسلًا برقم ٢٥٢٦.
(٣) فتح الباري ١٠/ ٤٨٢ من شرح الحديث ٦٠٦٤ من باب ٥٧ من كتاب الأدب.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٢/ ٧١ من تفسير الآية {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ...} [البقرة: ١٠٩].

<<  <   >  >>