للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا التنافس الذي قد يؤول إلى الحسد، هو الذي توقعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فتحت على المسلمين فارس والروم فقال: ... «... تتنافسون، ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون ثم تتباغضون ...» (١)، وهو المنهي عنه في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ولا تحسَّسوا ولا تجسَّسوا، ولا تنافسوا ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا» (٢).

وأخشى ما يخافه المرء على نفسه، أن ينزلق إلى التنافس في المعاصي، أو التنافس على الدنيا وزينتها، وقد حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته من هذا المنزلق فقال: «إني فرطكم، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها» (٣).

ولما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسارعة الناس عندما علموا بقدوم أبي عبيدة بأموال من اليمن قال لهم: «فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تُبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من قبلكم، فتنافسوها، كما تنافسوها، وتلهيكم كما أَلْهَتهم» (٤).

إن مجتمعًا شأنه التنافس الشريف، يتسابق فيه الأطفال ليشاركوا في القتال، وتتسابق فيه النسوة لخدمة المجاهدين، ويتبارى فيه الناس فيما يحفظون من كتاب الله، وفيما يعملون به من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،


(١) صحيح مسلم - كتاب الزهد - باب ٧ - الحديث ٢٩٦٢ (شرح النووي ٩/ ٣٠٨).
(٢) صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب ٥٧ - الحديث ٦٠٦٤ (فتح الباري ١٠/ ٤٨١).
(٣) صحيح البخاري - كتاب الرقاق - باب ٧ الحديث ٦٤٢٦ (فتح الباري ١١/ ٢٤٣).
(٤) صحيح البخاري - كتاب الرقاق - باب ٧ - الحديث ٦٤٢٥ (فتح الباري ١١/ ٢٤٣).

<<  <   >  >>