للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هلَّا مع صاحب الحق كنتم» (١).

ومصداقية الداعين إلى الإسلام أمام أتباعهم، لا تكون إلا بإشاعة روح العدل، ومناصرة المظلومين، وقد قال أحد الدعاة معبّرًا عن هذا المعنى: (لم نسمع من الدعاة ولا من المتمسلمين، صيحات مدوِّية تشق آذان الظلمة، وتنادي بإنصاف العامل المفصول بغير حق، من أجل ذلك أخشى على الإسلام من المنتسبين إليه نفاقًا، والمحسوبين عليه صورة، أكثر مما أخشى عليه من أعدائه المجاهرين برفضه، والمعلنين الحرب على أهله) (٢)، ولذلك تبرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الشياطين الخرس؛ الذين يعينون على الظلم بسكوتهم عنه: «إنه سيكون بعدي أمراء، فمن دخل عليهم قصدّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولست منه، وليس بوارد عليّ الحوض ..» (٣).

وتمام العدل حين يكون مع الصديق والعدو، كما علّمنا القرآن: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨] وقد فقه يهود أن هذا العدل به تقوم السماوات والأرض، حين جاءهم عبد الله بن رواحة مبعوثًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لتقدير محصولهم من الثمار والزروع، وتقاسمها حسب ما تم الاتفاق عليه بعد فتح خيبر، فحاولوا رِشوة ابن رواحة ليرفق بهم، فقال لهم: «والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من أعدائكم من القردة والخنازير، وما يحملني حبِّي إيَّاه وبغضي


(١) صحيح سنن ابن ماجه ٢/ ٥٥/ برقم ١٩٦٩/ ٢٤٢٦ (صحيح).
(٢) السلوك الاجتماعي في الإسلام ص ١٠٨.
(٣) أخرجه الترمذي والنسائي وحسنه الأرناؤوط (جامع الأصول ٤/ ٧٥ برقم ٢٠٦١).

<<  <   >  >>