للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخذه لم يُفْلته»، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: ١٠٢] (١).

وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعلِّم أصحابه أن يدعوا ربهم بدفع الظلم عنهم، ووقايتهم من شرور كل ظالم؛ لينمي في نفوسهم بغض الظلم والظالمين، وليزرع في قلوبهم مشاعر العزة والكرامة، وقلما كان يقوم من مجلس حتى يدعو لأصحابه بمثل قوله: «واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا .. ولا تسلِّط علينا من لا يرحمنا» (٢)، وفي حديث آخر دعاؤه: «ربِّ أعنِّي ولا تُعِن عليَّ، وانصرني ولا تنصر علي، واهدني ويسر الهدى إليَّ، وانصرني على من بغى عليَّ ...» (٣)، أفلا يرتجف قلب الظالم من دعوة مظلوميه؟ أو لا تنبعث في نفوسنا دوافع رفع الظلم وإفشاء العدل والتواصي به؟

ومما يُفتن به الظالم الوجيه في قومه أنه لا يرى مَن يزجره، بل قد يجد مُن يُحسِّن له عدوانه، ويُبرره له بأنه عين الحكمة - كما هو شأن بطانة السوء في كل زمان - فليراجع كل ظالم نفسه إذا كان حريصًا على نجاته، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يكون أمراء فلا يُرَدُّ عليهم قولهم، يتهاتفون في النار يتبع بعضهم بعضًا» (٤).

وأولى بالبطانة أن تحضَّ على الخير، وتقف مع صاحب الحق، كما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين انتهر الصحابة أعرابيًّا اشتد على رسول الله في طلب دَينه، فقال


(١) الحديث متفق عليه (جامع الأصول ٢/ ١٩٥ برقم ٦٧١).
(٢) صحيح سنن الترمذي للألباني ٣/ ١٦٨ برقم ٢٧٨٣/ ٣٧٤٩ (حسن).
(٣) صحيح سنن الترمذي للألباني ٣/ ١٧٨ برقم ٢٨١٦/ ٣٨٠٣ (حسن).
(٤) سلسلة الأحاديث الصحيحة ٤/ ٣٩٨ برقم ١٧٩٠ (حسن).

<<  <   >  >>