للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}

قد انقطع الوحي الذي يكشف المنافقين والكاذبين، ولكن لم تنقطع الضوابط الشرعية والأصول الإسلامية للتبيُّن والتثبت، وما أحوج المؤمنين والدعاة - قادة وجنودًا - لأن يتدبروها ويتخلقوا بها!

من أول مزالق عدم التثبت سوء الظن، ولذلك يقول الغزالي - رحمه الله -: (ليس لك أن تعتقد في غيرك سوءًا إلا إذا انكشفت لك بعيان لا يقبل التأويل) (١).

ثم ينحدر الظن إلى مزلق آخر، وهو إشاعة ظنه ذاك، وقد نقل الشوكاني عن مقاتل بن حيان قوله: (فإن تكلم بذلك الظن وأبداه أثم) (٢)، وحكى القرطبي عن أكثر العلماء: (أن الظن القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز) (٣)، وقال الغزالي: (اعلم أن سوء الظن حرام، مثل سوء القول، فلا يستباح ظن السوء إلا بما يستباح به المال، وهو بعين مشاهدة أو بينة عادلة) (٤).

يقول ابن قدامة: (فليس لك أن تظن بالمسلم شرًّا، إلا إذا انكشف أمر لا يحتمل التأويل، فإن أخبرك بذلك عدل، فمالَ قلبك إلى تصديقه، كنت معذورًا ... ولكن أشار إلى قيد مهم فقال: «بل


(١) عن محاسن التأويل للقاسمي ١٥/ ٥٤٦٣.
(٢) عن فتح القدير للشوكاني ٥/ ٦٤.
(٣) عن فتح القدير للشوكاني ٥/ ٦٤ أيضًا.
(٤) عن محاسن التأويل ١٥/ ٥٤٦٣.

<<  <   >  >>