للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثل ذلك) (١).

ومن أصول التثبت ألا يؤخذ أحد بالقرائن، طالما هو ينكر ولا يقرُّ وشواهد ذلك في السنة كثيرة، ومنها ما رواه ابن ماجة بسند صحيح عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو كنت راجمًا أحدًا بغير بينة، لرجمتُ فلانة، فقد ظهر فيها الريبة، في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها» (٢)، ومع ذلك فلم يرجمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأنها لم تقر، ولم يقذفها بلفظ الزنا.

وأكاد أجزم أن أهم أصول التثبت فيما يُنقل من أخبار: السماع من الطرفين، فقد أخرج أبو داود والنسائي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أرسل عليًّا - رضي الله عنه - إلى اليمن قاضيًا، فأوصاه: «... فإذا جلس بين يديك الخصمان، فلا تقضين حتى تسمع من الآخر، كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء» (٣)، يقول علي - رضي الله عنه -: (ما شككت في قضاء بعد)، فكان الصواب حليفه بالتثبت، وكم زلَّت أقدام، ووقعت فتن بسبب عدم التثبت! يقول الشوكاني: (الخطأ ممن لم يتبين الأمر، ولم يتثبت فيه، هو الغالب، وهو جهالة ..) (٤).

وكم تجد من الناس مَن يُسارِع للشهادة على أمرٍ لم يفقَهْه، في حق امرئ لا يعرفه! ولذلك أفتى الحسن البصري تحريًا للتثبت:


(١) فتح الباري ١٣/ ١٩٠ - كتاب الأحكام - باب ٤٢.
(٢) صحيح سنن ابن ماجه ٢/ ٨٢ - كتاب الحدود باب ١١ - الحديث ٢٠٧٣/ ٢٥٥٩ (صحيح) وروى الشيخان شطره الأول.
(٣) صحيح سنن أبي داود ٢/ ٦٨٤ الحديث ٣٠٥٧ (حسن).
(٤) عن فتح القدير ٥/ ٦٠.

<<  <   >  >>