للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«.. وتطاوعا ولا تختلفا».

كلما كان المسلمون أقرب إلى قطف الثمرة كانوا أحوج إلى تقديم مصلحة الأمة على الأهواء الشخصية، فلابد أن يتنازل أحد الأطراف المختلفة؛ ليطاوع الطرف الآخر، مؤثرًا - رضي الله عنه -، وجلب الخير العميم، ودفع الشر العظيم.

المطاوعة - في حقيقتها -: استعداد من كل طرف للتنازل للطرف الآخر، إذا وقع اختلاف على أمر ما، وليس المقصود بهذا التنازل الرجوع عن حق صريح واضح، وإنما هو لين جانب حينما يكون الاختلاف بين الحسن والأحسن، أو إرجاء المناظرة في الأمر المختلف فيه؛ إبقاء على المودة، وإيثارًا لصفاء القلب، فكل منهما طيع في يد أخيه، يتنازل هذا تارة، ويتنازل ذاك أخرى.

وهذا الأدب كان واضحًا بين صحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وخاصة إذا خفي وجهُ الحق في مسألة اجتهادية، ولأننا بشر، فلا نستطيع أن نقطع لأنفسنا بصواب الرأي، وسداد البصيرة، ولابد من التوجه إلى الله؛ ليسدد الخطأ، ويثبت على الحق، وقد كان من دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قيامه: «اهدِني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» (١).


(١) صحيح مسلم - كتاب المسافرين - باب ٢٦/ الحديث ٧٧٠ (شرح النووي ٣/ ٢٠٣)

<<  <   >  >>