للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى لا تتنافر نفوس الأمة «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم» (١)، ولذلك كان كثير من العلماء يحتفظون لأنفسهم بفتاوى لا يشيعونها بين الناس؛ لتفرُّدهم بها، ولخروجها عما اشتهر في المسألة حذرًا من فتنة العامة أو تشويش طلبة العلم.

وكان من وصيته - صلى الله عليه وسلم - عندما يسوي صفوف الصلاة أن يقول: «استووا، ولا تختلفوا؛ فتختلف قلوبكم» (٢)، حتى الاختلاف في صف الصلاة قد ينعكس أثره على تأجيج اختلاف القلوب، فلِينُوا في أيدي إخوانكم، وسوُّوا صفوفكم، واتَّبعوا إمامكم، لعله يترشح من ذلك ائتلاف قلوبكم.

وكلما كان احتكامنا للشرع خالصًا نكون أبعد عن مهاوي الفرقة، وهذا ما يذكر المسلم به نفسهن وهو يدعو في تهجُّده: «اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت» (٣).

ويجب على عقلاء الأمة أن يكونوا عونًا في دفع كل خلاف، وفض كل نزاع، والمبادرة إلى الأخذ بما يوحد الصفوف، وقد صف سيدنا عمر اختلاف الناي فيمن يبايعون بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلى أن قال:) فكثر الغلط، وارتفعت الأصوات، حتى فرقت من الاختلاف، فقلت: ابسُطْ يدك يا أبا بكر، فبسط يده، فبايعته، وبايعه


(١) صحيح مسلم - كتاب الصلاة - باب ٢٨ الحديث ٤٣٢ (شرح النووي ٢/ ٣٩٨).
(٢) صحيح مسلم - كتاب الصلاة - باب ٢٨ الحديث ٤٣٢ (شرح النووي ٢/ ٣٩٨).
(٣) صحيح البخاري - كتاب التهجد - باب ١٩ - الحديث ١١٢٠ (الفتح ٣/ ٣).

<<  <   >  >>