للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» (١) والجدية في الحياة علامة مميزة للراغب الراهب «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا» (٢) والهمة في العمل علامة صدق الاستعداد للآخرة والخوف من الله، وذلك ما مثله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «مَن خاف أدلج ومَن أدلَج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة» (٣)، أما من كان سفره طويلًا، وانطلاقه متأخرًا، وحركته بطيئة، وهمته ضعيفة فلن يبلغ مراده، ولن يصل إلى مقصوده.

ومن أهم ما يورثه الاهتمام بأمر الآخرة أن يزيح الله به عن القلب باقي الهموم ليصفوَ القلب لله وإن كان في بحر من الابتلاءات، قال - صلى الله عليه وسلم -: «من جعل الهموم همًّا واحدًا همَّ المعاد كفاه الله سائر همومه، مَن تشعَّبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يُبالِ الله في أي أوديتِها هلك» (٤).

و «مَن كانت الآخرة همَّه؛ جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومَن كانت الدنيا همَّه؛ جعل الله فقرَه بين عينَيْه، وفرَّق عليه شمله. ولم يأتِه من الدنيا إلا ما قُدِّر له» (٥).

فتجارة الآخرة لا تبور، والتهافت على الدنيا لا يغير المقدور.


(١) أخرجه البخاري والترمذي (جامع الأصول ١/ ٣٩٢ برقم ١٨٥).
(٢) صحيح البخاري - كتاب التفسير - باب ١٢ - الحديث ٤٦٢١ (الفتح ٨/ ٢٨٠).
(٣) صحيح الجامع برقم ٦٢٢٢ (صحيح)، ومعنى الإدلاج: السير في أول الليل. والمراد به التشمير في أول الأمر، فإن سار من أول الليل كان جديرًا ببلوغ المنزل (جامع الأصول ٤/ ٩/ الحديث ١٩٨١).
(٤) صحيح الجامع برقم ٦١٨٩ (حسن).
(٥) صحيح الجامع برقم ٦٥١٠ (صحيح).

<<  <   >  >>