للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يخاف الله في الدنيا ويحذر معصيتَه ويحتاط لأمر آخرته، فذلك هو الآمن يوم القيامة «قال الله تعالى: وعزتي وجلالي لا أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين، إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع عبادي» (١).

والمهتم بآخرته يفكر فيما يقربه إلى الجنة ويباعده عن النار، وقد جعل الله مدار المسؤولية على انبعاث إرادة الإنسان إلى الطاعة أو المعصية لذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: «الجنة أقرب إلى أحدكم من شِراك نعله، والنار مثل ذلك» (٢)، وإذا صدق المرء في مجاهدة نفسه يسر الله له السبيل {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: ٧٦].

والمهتم بآخرته لا يرى الدنيا دار قرار لشعوره بقرب الرحيل إلى دار الخلود، قال - صلى الله عليه وسلم -: «قال لي جبريل: يا محمد عِشْ ما شئتَ فإنك ميِّت، وأحبِبْ مَن شئت فإنك مُفارِقه، واعمَل ما شئتَ فإنك مُلاقِيه» (٣).

ولذلك كا مما تعجب منه - صلى الله عليه وسلم - انفتاح أبواب الخير وغفلة الإنسان عنها ولاحقة الفتن للمرء وعدم فراره منها «ما رأيت مثل النار نام هاربها، ولا مثل الجنة نام طالبها» (٤)، بينما يكون المهتم بآخرته شديد الحرص على اتقاء المنكرات، والمسارعة في الخيرات.

وحال المهتم لأمر آخرته التخفف من العلائق والزهد بالصوارف


(١) صحيح الجامع برقم ٤٣٣٢ (حسن).
(٢) أخرجه البخاري (جامع الأصول ١٠/ ٥٢٢ برقم ٨٠٧١).
(٣) صحيح الجامع برقم ٤٣٥٥ (حسن).
(٤) أخرجه الترمذي (جامع الأصول ١١/ ١٩ برقم ٨٤٨٧).

<<  <   >  >>