للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«كن ورعًا تكن أعبد الناس»

إن مَن عرَف ربه وقدَّره حق قدره، وعظَّم حرماته وشعائره، يصل به التعظيم إلى الحيطة والحذر من كل ما يكون مظنة غضب الرب - عز وجل - في الحال أو في المال.

فالورع عنده نوع من الخشية والرهبة تجعله يترك كثيرًا من المباحات إن التبَست عليه مع الحرام لئلا يجازف بدينه؛ ولهذا عرف الهروي الورع بقوله: (الورع تَوْقٌ مُستقصًى على حذر، وتحرُّج على تعظيم) (١).

ومن العلامات الأساسية للورعين بشدة حذرهم من الحرام، وضعف جرأتهم على الأقدام إلى ما قد يجر إلى الحرام، وفي ذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهة، فمن ترك ما شُبِّه عليه من الإثم كان لما استبان أترك، ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان» (٢)، فمَن تجرَّأ على مواضع الريبة والشك تزدَدْ جرأتُه على ما هو أشد «وأنه مَن يخالط الريبة يوشك أن يجسر» (٣).فالورع الحقيقي كما وصفه يونس بن عبيد: (الخروج من كل


(١) تهذيب مدارج السالكين ص ٢٩٠.
(٢) صحيح البخاري - كتاب البيوع - باب ٢ - الحديث ٢٠٥١ (الفتح ٤/ ٢٩٠).
(٣) سنن أبي دواد - كتاب البيوع باب ٣ الحديث ٣٣٢٩ من روايات حديث «الحلال بيِّن والحرام بيِّن»

<<  <   >  >>